من الحلق ولا ينزل الى الجوف ، وألوان أخرى من العذاب كسرابيل من قطران ومقامع من حديد (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً). هذا وصف ليوم القيامة وأهواله ، منها اهتزاز الأرض بأهلها ، وتحويل الجبال الى تلال من رمل تنهار وتزول لأضعف الأسباب.
(إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ). الخطاب في إليكم للمكذبين أولي النعمة ، والمراد بالرسول والشاهد محمد (ص) كما في الآية ٤١ من سورة النساء : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) أي ان محمدا (ص) يشهد عليهم انه قد أبلغهم رسالات ربهم فكذبوا وأعرضوا (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً). ضرب سبحانه فرعون مثلا لأولي النعمة الذين كذبوا محمدا (ص) وبيّن لهم ان حالهم مع رسول الله تماما كحال قوم فرعون مع موسى ، وحذرهم ، جلت عظمته ، إذا هم أصروا على الضلال أن يصيبهم ما أصاب فرعون وقومه من الهلاك والعذاب الأليم دنيا وآخرة.
(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً). ان كفرتم أي ان بقيتم على الكفر ، وضمير به يعود الى اليوم ، وضمير وعده الى الله تعالى المفهوم من سياق الكلام ، والمعنى بأية وسيلة أيها الطغاة تنجون من العذاب الأكبر في يوم تتفطر فيه السماء ، وتشيب الأطفال من أهواله ، وهذا اليوم آت لا ريب فيه لأن الله لا يخلف الميعاد. وتجدر الاشارة الى ان شيب الأطفال كناية عما يصيب المجرمين من الذعر والرعب لأن الأطفال لا يحاسبون ولا يؤاخذون.
(إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً). «هذه» اشارة الى ما سبق من آيات الانذار والوعيد ، والتذكرة العبرة والعظة ، والمعنى ان الله سبحانه بيّن طريقي الشر والخير ، وأمر بهذا ووعد عليه بالثواب ، ونهى عن ذاك وتوعد عليه بالعقاب ، وكل امرئ وما اختار لنفسه من النعيم والجحيم.
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ