المختلفة ، والأشياء المؤتلفة ، والأضداد المتعادية ، والاخلاط المتباينة». ومن آثار طينة الألوان المختلفة ما نراه في الإنسان من سواد العينين وبياض الوجه ، ومن آثار الأشياء المؤتلفة عظام الساعدين والساقين ، ومن آثار الأضداد المتعادية الحب والبغض ، والطمع والقناعة ، والتواضع والتكبر ، وصراع العقل والشهوة ، وما الى ذلك ، وبهذا نجد تفسير قوله تعالى : «نبتليه» حيث يلاقي الإنسان العناء المرير من الصراع بين ضميره ونزواته.
٤ ـ (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً). هذه اشارة الى انتقال الإنسان من النطفة التي دبت فيها الحياة بمرور الأيام وهو في بطن أمه ، انتقاله من ظلمة البطن حيث لا سمع ولا بصر الى الفضاء مع السمع والبصر ، ولكن بلا عقل وإدراك تماما كالحيوان.
٥ ـ (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً). يشير سبحانه الى انتقال الإنسان من الحياة الى الحياة الانسانية أي بعد أن تم تكوينه الجسدي وحواسه الظاهرة منحه الله سبحانه العقل والإدراك ليميز بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، وأيضا منحه الحرية ليكون بعقله وحريته أهلا لتحمّل المسئولية ، واستحقاق الثواب والعقاب ـ طبعا ـ بعد البيان وإلقاء الحجة ، وعبّر سبحانه عن الهدى بالشكر لأنه طاعة لله ، وعن الضلال بالكفر لأنه معصية له.
ورغبة في زيادة التوضيح نشير الى المقارنة بين الإنسان وغيره من الكائنات الأرضية بوجه عام .. تنقسم هذه الكائنات الى جامدة لا حياة فيها ولا نمو كالتراب والصخور والمعادن ، والى كائنات حية ، والحياة فيها على ثلاثة أقسام : حياة نباتية ، ومن خصائصها الحركة والنمو بلا احساس وإدراك ، فالنبات يتحرك وينمو ، ولكنه لا يحس ويشعر ، ولا يسمع ويبصر. القسم الثاني الحياة الحيوانية ، ومن صفات الحيوان الحركة والنمو والاحساس والشعور والسمع والبصر من غير تعقل وإدراك ـ في الغالب ـ أو ادراك الجزئيات دون الكليات. القسم الثالث : الحياة الانسانية ، ومن صفات الإنسان أن يتحرك وينمو ويسمع ويبصر وفوق ذلك يدرك الجزئيات والكليات ، ويعرف الكثير عما كان ويتنبأ بالكثير عما يكون ، وبهذا الإدراك ، وهذه المعرفة امتاز عن سائر الكائنات الأرضية.