(وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) أصنافا ذكورا وإناثا لحفظ النسل وبناء المجتمع (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) أي موتا لأن النوم ضرب من الموت ، قال تعالى : (هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) ـ ٦٠ الانعام .. والنوم ضرورة للروح والجسم ، ولا تستقيم الحياة بدونه ، ولكن الإكثار منه مذموم ، قال الرسول الأعظم : إياكم وكثرة النوم فان صاحبه فقير يوم القيامة لأنه كان في الدنيا من البطالين. قال الإمام الصادق (ع) : ان كثرة النوم مذهبة للدين والدنيا (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) شبه سبحانه الليل باللباس لأنه يستر من الإنسان ما لا يحب أن يطلع عليه غريب.
(وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) وقتا للحركة والعمل من أجل الحياة ، وفي آية ثانية (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) فالنوم كالموت ، والعمل في النهار كالبعث (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً). المراد بالسبع هنا الكواكب السيارة المعروفة عند الناس ، وإلا فإن وراءها من الكواكب ما لا يبلغه الإحصاء ، ووصفها سبحانه بالشداد لأنها محكمة الصنع. وتكلمنا مفصلا عن هذا الموضوع عند تفسير الآية ١٢ من سورة الطلاق بعنوان «سبع سماوات ومن الأرض مثلهن». (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً). المراد بالسراج هنا الشمس ، وفي ضوئها تعمل الخلائق من أجل الحياة (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً) وهي السحائب تعصرها الرياح ، فتهطل بالماء الغزير.
(لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً) بالماء تحيا الأرض بعد موتها ، وتخرج أقوات الإنسان والحيوان وغيرهما ، ومثله : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) ـ ٥٤ طه ج ٥ ص ٢٢٣ (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً). أشجار ملتفة الأغصان يدخل بعضها في بعض .. وليس من شك ان من قدر على هذه العجائب فهو على إحياء الموتى أقوى وأقدر .. وتكرر هذا المعنى في عشرات الآيات ، منها : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ـ ٥٧ الأعراف.
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨)