استغنى مبتدأ وأنت مبتدأ ثان وجملة تصدى خبر الثاني والجملة منه ومن خبره خبر الأول وأصل تصدى تتصدى. وما عليك «ما» نافية تعمل عمل ليس واسمها محذوف. وعليك متعلق بمحذوف خبرا لما النافية ، والمصدر من ان لا تزكى مجرور بفي المقدرة والمجرور متعلق باسم «ما» أي ما بأس كائن عليك في عدم تزكيته. وضمير انها لآيات القرآن. وضمير ذكره لله أو للقرآن. وفي صحف صفة لتذكرة أي مثبتة في صحف مكرمة ، ويجوز ان تكون في صحف خبرا لمبتدأ محذوف اي هي في صحف.
اتفق المفسرون على ان الأعمى هو ابن ام مكتوم صاحب رسول الله (ص) وابن خال خديجة زوجة الرسول ، واختلفوا في العابس. فقيل : انه مجهول ، ولهذا القول وجه ، لأن الله سبحانه ذكره بضمير الغائب ، ولم يبين لنا من هو؟. ومثله كثير في القرآن ، ومنه : (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) القيامة ـ ٣٣. وقيل : هو رجل من بني أمية كان عند رسول الله (ص) فلما رأى الأعمى تقذر منه ، وأعرض عنه. والمشهور بين المفسرين وغيرهم ان الذي عبس وتولى هو رسول الله (ص) ، وان السبب لذلك ان ابن مكتوم أتاه وهو في مكة ، وكان عنده عتاة الشرك من ذوي الجاه والمال : عتبة وشيبة ابنا ربيعة وابو جهل والوليد بن المغيرة وغيرهم ، وكان مقبلا عليهم ، ومشغولا بهم دون الجالسين ، يذكّرهم بالله ، ويحذرهم عاقبة الشرك والبغي ، ويعدهم خير الدنيا والآخرة ان أسلموا ، وهو يرجو بذلك هدايتهم ، وان يكونوا قوة للإسلام ، وان يكفوا شرهم ـ على الأقل ـ وكان الإسلام ضعيفا آنذاك وفي محنة وشدة من كيدهم وعدائهم.
فقطع الفقير الأعمى كلام الرسول مع القوم ، وقال : علمني يا رسول الله شيئا أنتفع به مما علمك الله .. فمضى الرسول في كلامه مع القوم ، ولما أعاد الأعمى وكرر كره الرسول منه ذلك ، وظهرت كراهيته في وجهه ، فعاتب سبحانه نبيه الكريم بضمير الغائب «عبس وتولى» ثم بضمير المخاطب (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى).