وتسأل : قال تعالى هنا : ان المجرم يعطى كتابه من وراء ظهره ، وقال في الآية ٢٥ من سورة الحاقة : (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ) فما هو وجه الجمع بين الآيتين؟.
وأجاب كثير من المفسرين بأن يمين المجرم تغل الى عنقه يوم القيامة ، أما شماله فتجعل وراء ظهره ، فيأخذ بها كتابه. وقال الشيخ محمد عبده : إتيان الكتاب باليمين أو اليسار أو وراء الظهر هو تمثيل وتصوير لحال المطلع على أعماله في ذلك اليوم .. فمن الناس من إذا كشف له عمله ابتهج واستبشر ، وهو التناول باليمين ، ومنهم من إذا تكشفت له سوابق أعماله عبس وبسر ، وتمنى لو لم تكشف له ، وهذا هو التناول باليسار ، أو وراء الظهر ، اذن لا داعي الى الجمع بين الآيتين باختراع معنى لا يليق بكتاب الله كما جرى عليه كثير من المفسرين.
(إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً). كان في الدنيا ، وهو بين أهله ، يلهو ويلعب ، ولا يفكر في حساب وجزاء (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) أي لن يرجع بعد الموت الى ربه ، ولا أحد يسأله عن ذنبه (بَلى). هو راجع ومسؤول ما في ذلك ريب (إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) لا يخفى عليه شيء من أقواله وأفعاله ، فيحاسبه عليها ان خيرا فخير ، وان شرا فشر.
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ (٢٣) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٥))