الغنى استحق العذاب ، وبكلام آخر ان الاختبار منه تعالى هو ان يوجد المحك الذي يظهر أفعال الطيب والخبيث تمهيدا لجزاء من أحسن بالحسنى ، ومن أساء بما كسبت يداه مع قيام الحجة عليه بما ظهر من إساءته .. هذا شأن الله مع عبده الإنسان ، أما شأن الإنسان الضال فهو ان يقيس كرامته عند الله بما يمن عليه من نعمه ، فان وسع الرزق عليه ظن انه أقرب المقربين الى الله ، وانه لا يسأله عن شيء ولا يعاقبه على شيء مهما قال وفعل ، وينطبق هذا تماما على عتاة المشركين ، فقد كانوا يستدلون على إكرام الله لهم بكثرة الأموال ، وعلى اهانته تعالى للمؤمنين بالفقر والعوز .. وإذا ضيق تعالى على الضال في الرزق عسى أن يتوب ويرتدع ظن ان الله قد أذله وأهانه ، وكفى بالعبد لؤما وتمردا على خالقه ان يظن به ظن السوء. وعن الإمام علي (ع) : إذا ضاق المسلم فلا يشكونّ من ربه ، وليشك الى ربه الذي بيده مقاليد الأمور. وتقدم مثله في الآية ٣٥ من سورة الأنبياء ج ٥ ص ٢٧٥.
(كَلاَّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠) كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (٢٦) يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠))