الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١))
الإعراب :
والليل الواو للقسم. وما خلق الذكر «ما» مصدرية أي وخلق الذكر. ان سعيكم جواب القسم. فأما للتفصيل. وبالحسنى صفة لمحذوف أي بالخصلة الحسنى ، ومثله لليسرى. تلظى الأصل تتلظى. الذي كذّب صفة للأشقى. والذي يؤتي صفة للأتقى. ومن زائدة إعرابا ونعمة مبتدأ وجملة تجزى صفة لنعمة. وابتغاء مفعول من أجله لتجزى.
المعنى :
(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى). يغشى يغطي الأشياء ، وتجلى ظهر ، وهذا القسم منه تعالى مثله في السورة السابقة (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها ، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها). وبيّنا هناك ان الغرض من القسم بالضياء والظلام هو التنبيه الى ما لهما من منافع (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى). «ما» هنا مصدرية أي وخلق الذكر والأنثى ، ويطرد هذا الخلق في كل حي إنسانا كان أم حيوانا أم نباتا ، وبه يتم التناسل وتمتد الحياة ، وهنا أسئلة تطرح نفسها ، وهي : من الذي أوجد الحياة في هذا الكائن دون ذاك؟ ومن الذي أعد الحي وأهّله لوظيفة التناسل؟ ولما ذا يأتي المولود تارة ذكرا وأنثى أخرى مع ان مصدرهما واحد ، فهل فعلت المادة العمياء كل هذا الفعل الدقيق المحكم ، أو هو من باب الصدفة؟ وهل اكتشف العلم ان المادة الواحدة تكون علة لأحوال شتى دون أن يتدخل عنصر آخر في شأنها؟. أما الصدفة فهي جهد العاجز. فلم يبق من الفروض والتفاسير إلا المدبر العليم الذي يرسم ويخطط وفقا للحكمة البالغة ، والنظام الكامل الشامل.