ومثلها ما كسب. وذات لهب صفة لنار. وامرأته مبتدأ وحمالة خبر. وفي جيدها خبر مقدم ، وحبل مبتدأ مؤخر ، ومن مسد متعلق بمحذوف صفة لحبل.
المعنى :
(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ). التبّ الهلاك ، وتبّت الأولى دعاء عليه بالهلاك والخسران ، وتبّ الثانية إخبار بأنه هالك خاسر لا محالة ، ويدا أبي لهب كناية عن شخصه ، مثل «على اليد ما أخذت حتى تؤدي» لأن اليد مظهر القوة وأداة العمل ، وأبو لهب هو عبد العزى بن عبد المطلب بن هشام ، فهو عم النبي (ص) ولكنه من أشد الناس عداوة له .. قال المفسرون والرواة : ان النبي (ص) صعد في ذات يوم على الصفا ، ونادى بطون قريش فاجتمعوا ومن جملتهم أبو لهب. فقال : أرأيتم لو أخبرتكم ان خيلا بالوادي تريد الغارة عليكم أكنتم تصدقوني؟. قالوا : نعم ، ما جربنا عليك إلا صدقا. فقال : انا نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : ألهذا جمعتنا ، تبا لك. فنزلت هذه السورة.
(ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ). لا يغني عنه مال ولا جاه ولا أولاد غداة الحساب والجزاء ، فكل ذلك حجة عليه ، وحسرة له (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ). هذا هو جزاؤه ، ومآله جهنم وساءت مصيرا.
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ). امرأة أبي لهب هي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان وعمة معاوية ، والحطب كناية عن الشر والإثم الذي يقودها الى النار ، فلقد كانت في غاية العداوة لرسول الله (ص) تمشي بالنميمة عليه بين الناس لإطفاء دعوته ، والمناسبة بين النار والحطب واضحة .. هذا ، الى ان العرب يلقبون المفسد النمام بحامل الحطب لأنه يوقد نار الفتنة. وقيل : انها كانت تجمع الشوك وتنثره في طريق الرسول الأعظم (ص) (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ). الجيد العنق ، والمسد الليف .. بعد أن وصفها سبحانه بحمّالة الحطب أعطاها هذه الصورة العجيبة : تشد الحطب على رأسها بطرف من الحبل ، وطرفه الآخر في عنقها ، فكأن الحطب تاج ، والحبل قلادة.