إِنَّا مُنْتَقِمُونَ). هذا تهديد بأن الله سيأخذهم يوم القيامة بعذاب مهين على عتوهم وتمردهم.
والخلاصة ان قريشا آذوا النبي (ص) فدعا عليهم ، ولما مسهم السوء استجاروا به ووعدوه بالتوبة ، ولكنهم نكثوا بعد أن فرج الله عنهم ، فهددهم سبحانه بجهنم وبئس المهاد.
(وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ). ضمير قبلهم يعود الى قريش ، والمعنى ان الله اختبر آل فرعون بالنعم والتمكين في الأرض كما اختبر قريشا بكشف العذاب عنهم ، وأرسل سبحانه موسى الى قوم فرعون كما أرسل محمدا الى قريش ، فعصوا جميعهم وعتوا عن أمر الله ، وقال موسى لفرعون وقومه : (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ). كان فرعون يضطهد بني إسرائيل ، يذبح المواليد الذكور منهم ، ويبقي الإناث للخدمة ، فطلب منه موسى أن يرسلهم معه ليذهب بهم حيث يشاء ، ومثله قوله تعالى : (فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ) ـ ٤٧ طه ج ٥ ص ٢٢٠.
(وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ). هذا من كلام موسى لقوم فرعون ، ومعناه لا تتعالوا على طاعة الله ، فإن لديّ الحجة الكافية الوافية بإثبات الحق (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) ألوذ بالله والتجأ اليه ان أردتم بي سوءا (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ) أي اعتزلوني ، ودعوني وشأني لا علي ولا معي ان لم تصدقوني وتستجيبوا لدعوتي.
(فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (٢٧) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها