(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) وهم الذين أبوا الخروج مع رسول الله (ص) إلى مكة (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ). والداعي هو رسول الله (ص) فإنه دعاهم بعد غزوة خيبر إلى غزوة حنين والطائف وتبوك (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) أي ان الأشداء الذين ستدعون إلى قتالهم يخيرهم الرسول بين أمرين : إما السيف وإما الإسلام ، فهل تلبون دعوة الرسول أو تنكصون على أعقابكم كما فعلتم من قبل؟. وبكلام آخر ان صمودكم في قتال اولي البأس الشديد هو المحك لصدقكم ، وليس أخذ الغنائم (فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً) وهو الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة ، أو الجنة وعلو المنزلة عند الله لمن يقتل منكم في سبيله.
(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) وأي عذاب أشد ألما من عذاب جهنم؟ (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ). لا إثم على هؤلاء الأصناف. الثلاثة إذا تخلفوا عن الجهاد من أجل الدعوة الى الإسلام ، أما الجهاد لدفاع العدو وردعه عن الاعتداء فهو حتم على الجميع رجالا ونساء وصغارا مميزين وكبارا أصحاء وغير أصحاء ... من كل حسب طاقته (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً). المعنى واضح ، وهو الجنة لمن أطاع ، والنار لمن عصى ، وقد تكرر هذا المعنى في عشرات الآيات لمناسبة ذكر عمل الخير والشر ، وللتنبيه بأن الله عادل وحكيم ، وان الإنسان لن يترك سدى ، وانه سيلقى الله بأعماله ، وانها هي وحدها موضوع الحساب ومقياس الجزاء.
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨) وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٩) وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً