ما فيه في المقدمة الخامسة (١).
(المقام العاشر) ـ لو نوى بوضوئه صلاة نافلة ، فالظاهر انه لا خلاف في الدخول به في الفريضة ، واما إذا قصد به غير الصلاة ، فإن كان مما لا يستباح إلا به ، كمس خط المصحف على المشهور ، والطواف المندوب على القول به ، فالمشهور انه كذلك ونقل عن الشيخ في المبسوط المنع ، وهو ظاهر ابن إدريس أيضا ، وان كان مما يستباح بدونها ، كسائر ما يستحب له الوضوء مما لا يجامعه حدث أكبر ، فهل يصح الوضوء مطلقا ويرتفع به الحدث ويجوز الدخول به في الفريضة ، أو لا يرتفع به الحدث مطلقا ، أو يكون كالأول إلا فيما إذا نوى وضوء مطلقا ، أو التفصيل بين نية ما يستحب له الطهارة لأجل الحدث كقراءة القرآن ونية ما يستحب له لا لأجل الحدث كالتجديد ، فيرتفع الحدث به ويجوز الدخول به في الفريضة على الأول دون الثاني ، أو التفصيل بين ما يستحب له الطهارة لأجل الحدث ويقصد به الكمال فيصح ، أو لا يستحب له الطهارة أو يستحب ولكن لا مع قصد الكمال فيبطل ، أو الصحة ان قصد ما الطهارة مكملة له على الوجه الأكمل ، وكذا ان قصد به الكون على طهارة ، وعدم الصحة في غير هاتين الصورتين؟ أقوال : أظهرها ـ كما استظهره جماعة من متأخري أصحابنا ـ الأول.
ولنا عليه وجوه : (الأول) ـ ان الأخبار الواردة مستندا لتلك الوضوءات المعدودة كلها ـ إلا ما شد ـ بلفظ الطهر أو الطهور أو الطهارة ، ومن الظاهر البين اعتبار معنى الزوال والإزالة في لازم هذه المادة ومتعديها لغة وشرعا ، فلا معنى لكون الوضوء مطهرا أو طهورا أو نحوهما إلا كونه مزيلا للحدث الموجود قبله ، وإلا فلا معنى لهذه التسمية بالكلية ، ومن ثم صرحوا بأن الطهارة لغة : النظافة ، وشرعا حقيقة في رافع
__________________
(١) في الصحيفة ٨٢ من الجزء الأول.