والمفهوم من اخبار التداخل ـ كما ستمر بك ان شاء الله تعالى ـ هو التداخل مطلقا ، واجباتها بعضها في بعض ، ومستحباتها كذلك ، وواجباتها ومستحباتها كل في الآخر ، أعم من ان يقصد شيئا من الأسباب الحاملة والغايات الباعثة أم لا ، بل الظاهر منها انه بملاحظة بعض تلك الأسباب والغايات يستباح به ما عداه مما لم تلحظ غايته ، وانه لا فرق في هذا المقام بين الوضوء والغسل.
وتفصيل هذه الجملة ـ على وجه يحيط بما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) في المقام ، والتنبيه على ما زلت به اقدام أقلام بعض الاعلام ـ
هو ان يقال : الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في عدم الافتقار إلى نية الحدث المتطهر منه في الوضوء ، أعم من ان يكون متحدا أو متعددا ، اما على تقدير الاكتفاء بمجرد القربة فظاهر ، واما على تقدير وجوب نية الرفع فالواجب هو قصد رفعه من حيث هو ، لكن لو قصد رفع حدث بعينه مع تعدد الأسباب ، فقد قطع أكثر الأصحاب بارتفاع الجميع أيضا ، لأن الحدث أمر كلي وان تعددت أسبابه ، فمن أجل ذلك ثبت لها التداخل باشتراكها في ذلك الأمر الكلي ، فبارتفاع أحدها يرتفع الجميع ، فمتى نوى أحدها وجب حصوله ، وحصوله يستلزم حصول الجميع لما عرفت.
وبذلك يظهر الجواب عما يقال : ان الأحداث لا تتجزأ وليس ثمة إلا أمر واحد كلي ، فمع عدم نيته لا يرتفع ، ونية خصوصية فرد منه لا تستلزم نيته.
ويمكن أيضا الجواب بالصحة وان وقع الخطأ في النية ، لصدق الامتثال بذلك ووقوع القيد لغوا.
واعترض آخر أيضا بمنع تداخل الأحداث عند تعدد أسبابها ، فقال : لم لا يجوز ان يحصل من كل منها حدث على حدة لا بد لنفيه من دليل؟
أقول : وكأنه لهذا احتمل العلامة في النهاية رفع ما نواه خاصة ، بناء