على انها أسباب متعددة ، قال : «فإن توضأ ثانيا لرفع آخر صح ، وهكذا إلى آخر الأحداث» انتهى.
وفيه ـ مع ما تقدم ـ ان المفهوم من الأخبار الواردة في تداخل الأغسال هو الاكتفاء بغسل واحد مع تعدد أسبابه كما سيأتي ان شاء الله تعالى. وهو دليل على عدم تعدد الأحداث وان تعددت الأسباب ، وإلا وجب لكل منها غسل ، والدليل على خلافه. والفرق بين حدثي الوضوء والغسل في ذلك غير معقول ، مع انه لا قائل به.
وكيف كان فالخطب عندنا بعد عدم ثبوت نية الرفع سهل. هذا في الوضوء.
واما الغسل فقد اختلف فيه على أقوال : (أحدها) ـ التداخل مطلقا و (ثانيها) ـ عدمه مطلقا. و (ثالثها) ـ التداخل مع انضمام الواجب لا بدونه و (رابعها) ـ التداخل لا مع انضمامه ، هكذا نقل عنهم بعض متأخري المتأخرين من مشايخنا المحققين ، إلا ان الظاهر من تتبع كلامهم في هذا المجال هو التفصيل في هذه الأقوال كما سنوضحه ـ ان شاء الله تعالى ـ على وجه يرفع الاشكال.
فنقول : انه مع اجتماع الأسباب المذكورة فلا يخلو اما ان يكون كلها واجبة أو كلها مستحبة أو مجتمعة منهما ، فههنا صور ثلاث : (الاولى) ـ ان تكون كلها واجبة ، والأظهر الأشهر الاكتفاء بغسل واحد مطلقا ، داخلها الجنابة أم لا ، عين الأسباب كلا أو بعضا أم لا ، اقتصر على نية القربة كما هو الأظهر غير الأشهر أو زاد عليها الرفع والاستباحة.
وذهب العلامة في جملة من كتبه إلى انه مع انضمام الجنابة إلى غيرها ، فان نوى الجنابة أجزأ عنها وعن غيرها ، وان نوى غيرها فظاهر كلامه في النهاية صحة الغسل ورفعه للحدث الذي نواه خاصة دون حدث الجنابة ، معللا بان رفع الأدون لا يستلزم رفع الأعلى ، هذا مع عدم اقترانه بالوضوء ، ومعه احتمل الرفع وعدمه. وظاهر كلامه في التذكرة الاستشكال في صحة الغسل من أصله ، من جهة عدم ارتفاع ما عدا الجنابة مع بقائها لعدم نيتها وعدم اندراجها تحت ما عداها ، ومن أنها طهارة قرنت بها