مردود (أولا) ـ بأن التخصيص بما ذكره لا دليل عليه.
و (ثانيا) ـ بان خروج بعض الافراد بدليل خاص لا يقدح في الدلالة على ما لا معارض له ، فان ما تجاوز العارض خارج عن الوجه بالإجماع.
(المسألة الثالثة) ـ اختلف الأصحاب (نور الله مراقدهم) في وجوب الابتداء بالأعلى في غسل الوجه ، فالمشهور الوجوب ، وذهب المرتضى وابن إدريس إلى جواز النكس ، واختاره جمع من المتأخرين ومتأخريهم.
ويدل على المشهور صحيحة زرارة (١) قال : «حكى لنا أبو جعفر (عليهالسلام) وضوء رسول الله (صلىاللهعليهوآله) فدعى بقدح من ماء فادخل يده اليمنى فأخذ كفا من ماء فأسدله على وجهه من أعلى الوجه. الحديث». وفعله إذا كان بيانا للمجمل وجب اتباعه فيه.
وأجيب بأنه من الجائز ان يكون ابتداؤه (عليهالسلام) بالأعلى لكونه أحد جزئيات مطلق الغسل المأمور به لا لوجوبه بخصوصه ، فان امتثال الأمر الكلي إنما يتحقق بفعل جزئي من جزئياته. وقوله ـ : «ان فعله إذا وقع بيانا للمجمل وجب اتباعه فيه» ـ مسلم ، الا انه لا إجمال في غسل الوجه حتى يحتاج إلى البيان ، مع ان أكثر الأخبار الواردة في وصف وضوء رسول الله (صلىاللهعليهوآله) خالية من ذلك ، هكذا ذكره السيد السند في مداركه ، وتبعه فيه جمع ممن تأخر عنه.
وفيه نظر من وجوه : (الأول) ـ ان الأوامر والأحكام القرآنية كلها إلا ما شذ لا تخلو من إطلاق أو عموم أو إجمال أو نسخ أو نحو ذلك ، وقد استفاضت الأخبار عن أهل الذكر (صلوات الله عليهم) بالرجوع إليهم في ذلك والنهي عن القول فيه بغير توقيف منهم ، وقد نقلنا شطرا وافرا من تلك الأخبار في كتاب الدرر النجفية ، وأظهرنا ما في المسألة من الكنوز الخفية ، وقد تقدمت الإشارة إلى شطر
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء.