الأخبار إنما هو لأجل الاستظهار في المسح بذلك المقدار ، فهي مكلفة في ذلك الوقت بشيئين : المسح بقدر الثلاث ، والإلقاء ، وهذه الرواية دلت على اجزاء أحدهما ، وهو الأهم والمقصود بالذات الذي هو المسح بالثلاث دون الإلقاء. ويمكن أن يستنبط منه بمعونة ما ذكرنا ان ما يستحب أو يجب مسحه من موضع المسح ثلاث أصابع ليس في عرض الرأس بعرض الأصابع ، لعدم توقف ذلك على إلقاء الخمار.
(الخامس) ـ لا ريب انه إذا اقتصر المكلف على الفرد الأنقص من المسح فقد تأدى الواجب به ، ولو اتى بالفرد الأكمل فقد صرحوا بان ما زاد منه على القدر المجزئ مستحب عينا اتفاقا ، لكن هل يوصف مع ذلك بالوجوب أم لا؟ قولان :
اختار أولهما المحقق الشيخ علي في شرح القواعد ، قال : «ولا يضر ترك الزائد ، لأن الواجب هو الكلي ، وأفراده مختلفة بالشدة والضعف ، فأي فرد اتى به تحقق الامتثال به ، لان الواجب يتحقق به» انتهى.
واختار ثانيهما العلامة ، نظرا إلى انه يجوز تركه لا إلى بدل ولا شيء من الواجب كذلك ، فلا شيء من الزائد واجب. وبان الكلي قد وجد فخرج به المكلف عن العهدة ولم يبق شيء مطلوب منه حتى يوصف بالوجوب.
وفيه ان جواز تركه هنا انما هو إلى بدل ، وهو الفرد الناقص الذي اتى به في ضمن هذا المسح ، وحينئذ فيكون من قبيل افراد الواجبات الكلية كأفراد الواجب المخير ، بمعنى ان مقولية الواجب هنا على هذا الفرد الزائد والناقص كمقولية الكلي على أفراده المختلفة قوة وضعفا ، وحصول البراءة بالفرد الناقص لا من حيث هو جزء الزائد ، بل من حيث انه أحد أفراد الكلي وان كان ناقصا.
هذا كله مع وقوع المسح دفعة واحدة ، اما إذا وقع تدريجا فقد صرح الشهيدان في الذكرى والروض بأن الزائد مستحب قطعا ، قال في الروض بعد نقل كلام