«ومن زاد على مرتين لم يؤجر» والغرض ان المرتين ـ كما عرفت ـ انما هي عبارة عن غسلة واحدة ، ما هذا إلا تناقض ظاهر لا يصدر عن مثل هذا العالم الماهر. ويؤكد ما قلناه قوله أخيرا : «ولو لم يطلق. إلخ» فإن معناه انه لو لم يرخص لمن استزاده في المرتين لكان سبيلهما في الإثم وبطلان الوضوء سبيل الثلاث في الإثم وبطلان الوضوء بها كما ذكره ، وهو دليل على ما قلناه من أن غاية الحد المرخص فيه هي المرتان المشتركتان في أداء الواجب ، وان الزيادة المنفي عنها الأجر في كلامه هي المشار إليها هنا بالثلاث ، وهي التي تكون موجبة للإثم ومبطلة للوضوء عنده.
وأنت إذا تأملت فيما تلوناه ظهر لك ان هذا عين ما ذكره الصدوق (قدسسره) من تعدى الحد بالتثنية ، وعدم استحقاق الأجر على أصل الوضوء المشعر ببطلانه فضلا عن التثنية كما عرفته مما تقدم ، والعجب من أولئك الفضلاء المحققين في عدم إمعان النظر في كلام الشيخين المذكورين ، حيث نقلوا عنهما في الكتابين المذكورين القول بعدم استحباب الثانية ، بل صرح البعض منهم بصراحة كلام الكافي في عدم الحرمة والبدعية وقال انه ظاهر الصدوق ، ونحن إنما أطلنا البحث بنقل العبارتين وبيان ما هو المفهوم منهما ليظهر لك جلية الحال مما ذكره أولئك الأبدال ، وبذلك يظهر ان الظاهر ان نقل القول بالتحريم في كلام الشيخ وابن إدريس إشارة إلى ما حررناه من كلام هذين الشيخين
(الثاني) ـ اعلم ان الأخبار الواردة عن العترة الأطهار (صلوات الله عليهم) أكثرها دال على الوحدة :
فمنها ـ اخبار الوضوء البياني (١) فإنها على تعددها إنما تضمنت الغسل بكف كف لكل من الأعضاء المغسولة.
ومنها ـ قول الباقر (عليهالسلام) في صحيحة زرارة (٢) : «ان الله وتر يحب
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ـ ١٥ و ٣١ ـ من أبواب الوضوء.