بناء منه (قدسسره) على ما فهمه من أخبار عدم الأجر على الثانية بحمل الثانية على الغرفة وعدم الأجر على الجواز وعدم الاستحباب ، كما قدمنا نقله عن جملة من الأصحاب. وقد حققنا لك ما فيه وكشفنا عن باطنه وخافية.
(الرابع) ـ المشهور بين الأصحاب تحريم الغسلة الثالثة ، وقد صرح جملة من الأصحاب : منهم ـ الصدوق والشيخ في الخلاف فيما تقدم من عبارتيهما ببدعيتها ، ونقل عن المبسوط والنهاية أيضا. ونقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل القول بعدم التحريم ، لكن الذي في المختلف عن ابن أبي عقيل التعبير عن ذلك بنفي الأجر ، كما هو مضمون رواية زرارة المتقدمة (١) وقد عرفت ما في هذا اللفظ. والشيخ المفيد (رحمهالله) في المقنعة اثبت التحريم فيما زاد على الثلاث وجعل الثالثة كلفة.
والأظهر المشهور ، ويدل عليه التصريح بالبدعية في مرسلة ابن أبي عمير المتقدمة (٢) ونفي الأجر الذي هو ظاهر في التحريم أيضا كما أشرنا إليه آنفا ، ولأنها عبادة والإتيان بها بدون الاذن تشريع محرم.
وما يقال ـ من انه مع اعتقاد المشروعية فلا ريب في ذلك ولكن مجرد الإتيان بها لا يستلزمه ، وهب انه يستلزمه وانه اعتقد الاستحباب فغاية ما يلزم منه تحريم اعتقاد ندبيتها لافعلها بدون ذلك الاعتقاد بل مع ذلك الاعتقاد أيضا ، والكلام انما هو في حرمة الفعل لا الاعتقاد كما هو الظاهر. ثم ان حرمة ذلك الاعتقاد أيضا ممنوعة ، لأن الاعتقاد لو كان ناشئا من الاجتهاد أو التقليد فلا وجه لحرمته. غاية الأمر أن يكون خطأ ولا اثم على الخطأ كما تقرر عندهم ، كذا قرره بعض محققي متأخري المتأخرين ـ
ففيه نظر من وجوه : (أحدها) ـ ان ظاهر ما دل على البدعية والتحريم من الأخبار وكلام الأصحاب كون ذلك ناشئا عن اعتقاد المشروعية ، ردا على المخالفين القائلين باستحبابها والمؤكدين على المواظبة عليها ، حتى خرجت الأخبار بالأمر للشيعة بذلك تقية
__________________
(١ و ٢) في الصحيفة ٣٢٥.