ما يلزم من فواتها بطلانه دون الوجوب المستلزم لاستحقاق الذم بالمخالفة ، اللهم إلا ان يثبت إجماع على الوجوب أو على حرمة إبطال العمل ، وربما كان الظاهر من كلام علي بن بابويه ذلك ، ومنه ربما ينتج بلوغ الخلاف في المسألة إلى أقوال خمسة.
ويدل على القول بمراعاة الجفاف من الأخبار صحيحة معاوية بن عمار (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) : ربما توضأت فنفد الماء فدعوت الجارية فأبطأت علي بالماء فيجف وضوئي؟ فقال : أعد».
وموثقة أبي بصير (٢) قال : «قال أبو عبد الله (عليهالسلام) : إذا توضأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتى تنشف وضوؤك فأعد وضوءك. فان الوضوء لا يبعض».
واستدل بعض الأصحاب على ذلك أيضا برواية مالك بن أعين ومرسلة الصدوق المتقدمتين في الأمر السابع من البحث الثالث في مسح الرأس (٣) لدلالتهما على اعادة الوضوء لمن نسي مسح رأسه وفقد البلة من أعضاء وضوئه.
وعندي في الدلالة نظر ، إذ من الجائز أن يكون استناد وجوب الإعادة المستلزم لبطلان الوضوء السابق انما هو للإخلال ببعض اجزاء الوضوء الذي هو المسح ، لعدم جوازه إلا ببلة الوضوء ، مع تعذرها كما هو المفروض ، دون الجفاف.
وأنت خبير بأن غاية ما يفهم من الروايتين الأولتين اللتين هما مستند القول المذكور الأمر بالإعادة الدال على بطلان ما فعله سابقا ولا دلالة فيه على الذم والإثم بوجه ، بل ربما كان في سكوته (عليهالسلام) عن الذم والإنكار بالتأخير حتى يجف الوضوء نوع إيماء إلى العدم ، وبذلك يظهر قوة القول بالشرطية خاصة. وما ربما يتوهم ـ من قوله في موثقة أبي بصير : «فان الوضوء لا يبعض». بناء على ان الجملة الخبرية هنا في معنى الإنشاء وان المعنى حينئذ انه لا يجوز تبعيضه ـ فمردود بأنه يجوز ان يكون
__________________
(١ و ٢) المروية في الوسائل في الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الوضوء.
(٣) في الصحيفة ٢٨١.