(المسألة السابعة) ـ الظاهر انه لا خلاف في تحريم الوضوء بالماء النجس ، ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ محمد الحر في كتاب الوسائل (١) عن المرتضى (رضياللهعنه) في رسالة المحكم والمتشابه نقلا من تفسير النعماني بإسناده عن علي (عليهالسلام) قال : «واما الرخصة التي هي الإطلاق بعد النهي ، فان الله تعالى فرض الوضوء على عباده بالماء الطاهر ، وكذلك الغسل من الجنابة. الحديث». ويدل عليه أيضا جملة من الأخبار الواردة بالنهي عن الوضوء بالماء النجس (٢).
وانما الخلاف في المعنى المراد من التحريم في هذا المقام ، فقيل المراد به المعنى المتعارف وهو ما يترتب الإثم على فعله مع بطلانه ، وقيل انه عبارة عن مجرد البطلان والأول اختيار جماعة : منهم ـ المحقق الثاني في شرح القواعد ، والشهيد الثاني في الروض ، وسبطه السيد السند في المدارك ، وعللوه بان استعماله فيما يسمى طهارة في نظر الشارع يتضمن إدخال ما ليس من الشرع فيه فيكون حراما ، إذ المراد التحريم على تقدير استعماله والاعتداد به في الصلاة. والقول الثاني اختاره العلامة في النهاية. والأول أقرب لأن اعتقاد الطهارة بما نهى الشارع عن الطهارة به تشريع البتة ، فيترتب عليه الإثم بلا اشكال.
ثم ان الابطال ـ ووجوب الإعادة وقتا وخارجا إذا كان عن عمد ـ مما لا خلاف ولا اشكال فيه ، والظاهر من كلامهم ان الطهارة به نسيانا في حكم العمد أيضا من حيث وجوب التحفظ عليه ، واما الطهارة به جهلا بالنجاسة فظاهر المشهور بين المتأخرين انه كذلك أيضا ، والمفهوم من كلام الشيخ في المبسوط وجوب الإعادة في الوقت دون الخارج ، وبذلك صرح ابن البراج. وهو ظاهر كلام ابن الجنيد ، وعبائر جل متقدمي علمائنا (رضوان الله عليهم) مطلقة في وجوب الإعادة من غير تفصيل بين الأفراد المذكورة.
__________________
(١) في الباب ٥١ من أبواب الوضوء.
(٢) ذكر هذه الأخبار في الفصل الثالث من باب المياه في حكم القليل الراكد.