أو نحو ذلك ، كالنهي عن البيع وقت النداء ، فلا وجه للإبطال بل غاية النهي التأثيم خاصة. ومن الظاهر ان توجه النهي هنا إنما هو من جهة الاحترام الذي هو أمر خارج وصفة مفارقة للاستنجاء بتلك الأشياء ، كما يأتي مثله في الاستنجاء بل إزالة النجاسة مطلقا بالماء المغصوب ، فإنه لا ريب في طهارة المحل به وان اثم من حيث التصرف ، وما ذاك إلا من حيث كون صفة الغصب أمرا خارجا ، بخلاف الاستنجاء بالنجس وإزالة النجاسة بالماء النجس ، فإنه من حيث عدم صلاحية تلك الأشياء من حيث هي للإزالة فلا يطهر المحل بها. وهذا الوجه لا يخلو من قوة لو كان الوارد في النص مجرد النهي. لكن قوله في رواية ليث (١) : «لا يصلح بشيء من ذلك». ظاهر في عدم الاجزاء. والرواية وان كانت ضعيفة السند إلا انها مجبورة بعمل الأصحاب ، والأمران اصطلاحيان ، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر. واما عندنا فالأمر أهون من ذلك.
(فرع) لا ريب ان تحريم الاستنجاء بتلك الأشياء المحترمة إنما هو من حيث إهانتها بالإيقاع في النجاسة ، وحينئذ فيحرم تنجيسها مطلقا ، ومثل ذلك القول في الخبز لحديث أهل الثرثار ، فيحرم تنجيسه أيضا بغير الاستنجاء. ولا يبعد انسحاب ذلك في باقي المطعومات ، لاستلزام ذلك كفر النعمة وعدم شكرها ، ولفحوى أحاديث استحباب أكل المتساقط من الخوان ، واخبار استحباب لعق الأصابع بعد الأكل. لكن يبقى الكلام في مثل العظم والروث على القول بتحريم الاستنجاء بهما ، هل يحرم تنجيسهما أم لا؟ لم أقف في ذلك لأحد من أصحابنا في الكتب الاستدلالية على كلام إلا لشيخنا البهائي (قدسسره) في أجوبة مسائل الشيخ صالح الجزائري ، حيث قال ـ بعد قول السائل : مسألة ـ الفقهاء (رضوان الله عليهم) قالوا : لا تستجمر بالعظم والروث ، فهل يحرم أصابتهما بغير استجمار أم لا؟ ـ ما صورته : «الجواب ـ
__________________
(١) المتقدمة في الصحيفة ٤٣.