ووجه الجمع تقييد الإطلاق الأول بحاله الاستبراء ، كما هو مدلول منطوق اخبار الاستبراء ، وتقييد الإطلاق الثاني بحالة عدم الاستبراء ، كما هو مفهوم تلك الاخبار ، وعلى ذلك تجتمع الأخبار.
واما إبقاء الإطلاق الأول بحاله ـ وحمل الوضوء في الإطلاق الثاني على الاستحباب وكذلك في المفهوم استضعافا لدلالته ـ
ففيه (أولا) ـ ان قوله في صحيحة محمد بن مسلم (١) : عليه الوضوء» ظاهر في الوجوب ، وكذا قوله في خبر معاوية بن ميسرة (٢) : «فليتوضأ».
و (ثانيا) ـ ان المفهوم هنا مفهوم شرط ، وهو ـ مع ذهاب الأكثر إلى حجيته ـ معضود بدلالة الأخبار عليه أيضا ، كما تقدم في المقدمة الثالثة (٣) فلا ضعف في دلالته.
و (ثالثا) ـ ان ضعف الدليل ليس من قرائن الاستحباب كما تقدمت الإشارة اليه.
واما ما ورد في رواية يونس (٤) ـ قال : «كتب اليه رجل : هل يجب الوضوء مما خرج من الذكر بعد الاستبراء؟ فكتب : نعم». ـ فيتعين حمله على التقية ، لموافقته لمذهب أكثر العامة (٥) كما ذكره الشيخ في الاستبصار ، ومخالفته لما عليه كافة علماء الفرقة الناجية ولاخبارهم.
__________________
(١ و ٢) المتقدمة في الصحيفة ٦٠.
(٣) في الصحيفة ٥٧ من الجزء الأول.
(٤) المروية في الوسائل في الباب ـ ١٣ ـ من أبواب نواقض الوضوء والرواية في كتب الحديث تنتهي إلى (محمد بن عيسى) ولم يذكر في سندها (يونس).
(٥) لم نعثر على من حرر من العامة هذه المسألة أعني حكم الخارج بعد الاستبراء. الا انهم عدوا الودي والمذي مما يستنجى منه فلعل الشيخ أراد ذلك من الموافقة لمذهب العامة ، قال في بدائع الصنائع ج ١ ص ١٩ : «الاستنجاء مسنون من كل نجس