هذا. واعلم ان الظاهر ـ كما عرفت من كلامهم ـ انه كما لا خلاف في نقض هذا البلل المشتبه للوضوء ، كذلك لا خلاف في وجوب غسله ، وهو يشعر بحكمهم بنجاسته. ويشكل عليهم بمقتضى ما قرروه في مسألة الإناءين ـ كما تقدم ذكره (١) ـ بأن أقصى ما يستفاد من الأدلة المذكورة النقض خاصة ، مع اندراج هذا البلل في «كلية : كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر (٢). وما أبالي أبول أصابني أم ماء إذا لم اعلم ...» (٣) مع عدم المخصص. وحصول النقض به لا يستلزم النجاسة. إلا ان المفهوم من الأخبار ـ كما عرفت في مسألة الإناءين (٤) ـ ان الشارع قد اعطى المشتبه بالنجس إذا كان محصورا والمشتبه بالحرام كذلك حكمهما في وجوب الاجتناب وتحريم الاستعمال فيما يشترط فيه الطهارة وتعدى حكمه إلى ما يلاقيه ، كما تقدم تحقيق ذلك في مسألة الإناءين ، فالحكم هنا موافق لما حققناه ثمة ، لكنه مناف لما ذكروه (رضوان الله عليهم) في تلك المسألة ، فإن المسألتين من باب واحد.
(الثالث) ـ ذكر العلامة في التذكرة والشهيد في الذكرى انه يستحب الصبر هنيئة قبل الاستبراء ، ومستنده غير واضح. قيل : وربما كان ظاهر الأخبار
__________________
يخرج من السبيلين له عين مرئية ، كالغائط والبول والمنى والودي والمذي والدم» وقال في الوجيز ج ١ ص ٩ : «وفي النجاسات النادرة قول انه يتعين الماء ، وقيل : المذي نادر» وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني ج ١ ص ١٧١ : «المذي ما يخرج بشهوة فروي انه يوجب الوضوء وغسل الذكر والأنثيين ، وروى انه لا يجب أكثر من الاستنجاء والوضوء ، والأمر بالنضح وغسل الذكر والأنثيين محمول على الاستحباب ، والودي ما يخرج بعد البول ليس فيه إلا الوضوء» وفيه أيضا «قال حنبل سألت احمد ، قلت : أتوضأ واستبرئ واجد في نفسي انى قد أحدثت بعده؟ قال : إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه ، فإنه يذهب ان شاء الله».
(١ و ٤) في الصحيفة ٥٠٢ من الجزء الأول.
(٢) تقدم الكلام في هذا الحديث في التعليقة ١ ص ٤٢ ج ١ وفي التعليقة ٤ ص ١٤٩ ج ١.
(٣) المروية في الوسائل في الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب النجاسات.