وظاهر هذه الاخبار التحريم لظاهر النهي فيها إلا ان المشهور بين الأصحاب الحكم بالكراهة. وظاهر المفيد ـ حيث عبر في المقنعة بعدم الجواز ـ التحريم. ويمكن حمل النهي المذكور على الكراهة بقرينة خلو مرفوعة علي بن إبراهيم المتقدمة (١) في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عن ذلك ، مع قوله في آخرها : «وضع حيث شئت».
وكذلك مرفوعة عبد الحميد ومرفوعة محمد المتقدمتان ثمة (٢) حيث تضمنتا السؤال عن حد الغائط ولم يذكرا استقبال الجرمين فيه ، فظاهرهما الخروج من الحد المذكور وأقله عدم التحريم ثم ان ظاهر الاخبار المذكورة اختصاص الحكم المذكور بالبول دون الغائط ، وظاهر الأكثر التعميم ، وبه صرح الشهيد في الدروس والذكرى ، والعلامة في القواعد والمفيد في المقنعة. واحتمل بعض محققي متأخري المتأخرين كون الاقتصار على البول في الأخبار لكونه أعم من الغائط وجودا ، لعدم انفكاكه عنه غالبا ووجوده بدون الغائط كثيرا ، أو للتنبيه بالأضعف على الأقوى. وفيهما ما لا يخفى.
وكذا ظاهر الأخبار اختصاص ذلك بالاستقبال دون الاستدبار ، ولذلك خصه بعض الفقهاء بذلك ، بل نقل عن العلامة في النهاية انه صرح بعدم كراهية الاستدبار ، واستظهره في المدارك.
لكن روى الكليني (٣) مرفوعا مضمرا : «لا تستقبل الشمس ولا القمر». وابن بابويه في الفقيه (٤) كذلك : «لا تستقبل الهلال ولا تستدبره». فيمكن فهم حكم الغائط من الأولى ، لأن الظاهر انها متعلقة بحد الغائط ، ويفهم من الثانية عدم اختصاص الحكم بالقمر ، كما هو المصرح به في كلامهم ، لعدم تناوله للهلال ، إذ هو مخصوص بما قبل الاستدارة والقمر بما بعدها. واستند بعض
__________________
(١ و ٢) في الصحيفة ٣٩.
(٣) ج ١ ص ٦ وفي الوسائل في الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب أحكام الخلوة.
(٤) ج ١ ص ١٨ وفي الوسائل في الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب أحكام الخلوة.