(وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (١) فاشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس كلّ أصحاب رسول الله كان يسأله عن الشيء وكل من يسأله عن الشيء فيفهم وكل من يفهم يستحفظ ، وقد كان فيهم قوم لم يسألوه عن شيء قط ، وكانوا يحبّون أن يجيء الأعرابي الطارئ أو غير فيسأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم يستمعون ، وكنت أدخل عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم في كل يوم دخلة وفي كلّ ليلة دخلة فيخليني فيها ، يجيبني بما أسأل وأدور معه حيث ما دار ، قد علم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، وربما كان يأتيني رسول الله في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه في بعض منازله أخلا لي وأقام عنّي نساءه فلا يبقى عنده غيري ، وإذ أتى زائرا للخلوة لم يقم عني فاطمة ولا أحد من ابنيّ ، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكتّ ونفدت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم آية من القرآن إلّا أقرأنيها وأملاها عليّ فكتبتها بخطيّ وعلّمني تفسيرها وتأويلها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصّها وعامّها وظاهرها وباطنها ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله ، ولا علما أملاه عليّ وما ترك شيئا علّمه الله من حلال أو حرام أو أمر أو نهي أو طاعة أو معصية أو شيء كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد من قبلنا إلّا علّمنيه وحفظته فلم أنس حرفا واحدا منها ، وكان رسول الله إذا أخبرني بذلك كله وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي
__________________
(١) ـ الحشر : ٧.