وجوده وتحقّقه ، كما أنّ الثاني عبارة عن المنع عن تقرر الشيء وتحقّقه بعد وجود مقتضيه ، يقول سبحانه : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) (١) ، فكانت السماء والأرض ملتصقتين فأزالها عن مكانها.
(إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ* ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) (٢) ، أي ما له من شيء يمنع عن تحقّقه بعد تعلّق إرادته بالوقوع.
وعلى ذلك فاستعمال الرفع في المقام لأجل تحقّق هذه الأُمور التسعة في صفحة الوجود ، فتعلّق الرفع بها باعتبار كونها أُموراً متحقّقة.
نعم رفع هذه الأُمور التسعة بعد تحقّقها رفع ادّعائي باعتبار رفع آثارها ، فتعلّقت الإرادة الاستعمالية برفع نفس هذه الأُمور التسعة المتحقّقة ، وتعلّقت الإرادة الجدية برفع آثارها.
٢. انّ نسبة الرفع إلى هذه التسعة مع وجودها يحتاج إلى مصحّح ومسوّغ وإلّا يلزم الكذب ، وليس الحديث متفرداً في هذا الباب ، بل له نظائر ، مثل قوله : «لا ضرر ولا ضرار» ، «لا طلاق إلّا على طهر» ، «لا رضاع بعد فطام» ، «لا رهبانية في الإسلام» فمع أنّ هذه الأُمور التي دخلت عليها «لا» النافية ، موجودة متحقّقة في صحيفة الوجود لكن الشارع أخبر عن عدمها والمصحح لهذا الإخبار هو سلب آثارها ، مثلاً لا يترتب على الرضاع بعد الفطام أثر الرضاعة وهكذا ، وعلى ذلك فيلزم تعيين ما هو الأثر المسلوب في هذه التسعة خصوصاً قوله : «ما لا يعلمون» وهذا هو المهم في المقام.
٣. انّ لفظة «ما» في قوله : «ما لا يعلمون» موصولة تعمّ الحكم والموضوع المجهولين ، لوضوح انّه إذا جهل المكلّف بحكم التدخين ، أو جهل بكون المائع
__________________
(١). الرعد : ٢.
(٢). الطور : ٨٧.