الفلاني خلاً أو خمراً ، صدق على كلّ منهما انّه من «ما لا يعلمون» ، فيكون الحديث عاماً حجّة في الشبهة الحكمية والموضوعية معاً.
وربما يتصوّر أنّ الموصول مختص بالموضوع المجهول لا الحكم المجهول ، بشهادة قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في الفقرات التي أعقبته ، أعني : «وما أُكرهوا عليه» و «ما لا يطيقون» و «ما اضطروا إليه» ، فإنّ المراد هو الفعل المكرَه عليه ، والعمل الخارج عن الإطاقة ، والعمل المضطرّ إليه ، فيلزم أن يكون المراد من الموصول في «ما لا يعلمون» هو العمل المجهول لا الحكم المجهول ، فيختصّ الحديث بالشبهات الموضوعية.
يلاحظ عليه : أنّ «ما» الموصولة استعملت في جميع الفقرات في المعنى المبهم ، لا في الحكم ولا في الموضوع ، وإنّما يعلم السعة (شمولها للحكم والموضوع المجهولين) ، والضيق (اختصاصها بالموضوع) من صلتها ، والصلة «فيما لا يعلمون» قابل للانطباق على الموضوع والحكم ، دون سائر الفقرات ، فإنّها لا تنطبق إلّا على الفعل ، ولا يكون ذلك قرينة على اختصاص الفقرة الأُولى بالشكّ في الموضوع.
أضف إلى ذلك : أنّ المرفوع في «الحسد» «والطيرة» و «التفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة» هو الحكم ، أي حرمة الحسد والطيرة ، وأمّا النسيان والخطأ المرفوعان في الحديث فيتعلّقان بالحكم والموضوع معاً ، فيصلحان لكلا الأمرين : نسيان الحكم أو الموضوع ومثله الخطأ.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : إنّ الرفع كما عرفت رفع تشريعي ، والمراد منه رفع الموضوع بلحاظ رفع أثره ، فحينئذ يقع الكلام في تعيين ما هو الأثر المسلوب الذي صار مصحِّحاً لنسبة الرفع إليها ، فهنا أقوال ثلاثة :
١. المرفوع هو المؤاخذة.