٢. مرسلة الصدوق
روى الصدوق مرسلاً في «الفقيه» وقال : قال الصادق (عليهالسلام) : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي». (١)
والحديث وإن كان مرسلاً ، ولكن الصدوق يُسنده إلى الإمام الصادق (عليهالسلام) بصورة جازمة ، ويقول : قال الصادق (عليهالسلام) ، وهذا يعرب عن يقينه بصدور الحديث عن الإمام الصادق (عليهالسلام) ، نعم لو قال رُوي عن الإمام الصادق (عليهالسلام) كان الاعتماد على مثله مشكلاً.
أمّا كيفية الاستدلال : فقد دلّ الحديث على أنّ الأصل في كلّ شيء هو الإطلاق والإرسال حتى يرد فيه النهي بعنوانه ، فإنّ الضمير في قوله : «يرد فيه» يرجع إلى الشيء بما هو هو ، كأن يقول : الخمر حرام ، أو الرشوة حرام ، فما لم يرد النهي عن الشيء بعنوانه يكون محكوماً بالإطلاق والإرسال ، وبما أنّ التدخين لم يرد فيه النهي بعنوانه الأوّلي فهو مطلق ، وعلى هذا فلا يكفي في رفع الإطلاق ورود النهي بعنوانه الثانوي كأن يقول : إذا شككت فاحتط ، بل هو باق على إطلاقه حتى يرد النهي فيه بالعنوان الأوّلي ، فتكون الشبهات البدوية التي لم يرد النهي فيها بعنوانها الأوّلي محكومة بالإطلاق والحليّة.
وعلى هذا لو تمّ دليل الأخباري بورود النهي عن ارتكاب الشبهات التحريمية بالعنوان الثانوي (الشبهة) وقع التعارض بينه وبين دليله.
نعم لو قلنا بأنّ المراد من قوله «حتى يرد فيه نهي» هو الأعم من ورود النهي بعنوانه الأوّلي أو بعنوانه الثانوي ، يكون دليل الأخباري مقدّماً عليه ، لأنّ الإطلاق في المقام معلّق على عدم ورود النهي مطلقاً ، لا بالعنوان الأوّلي ولا الثانوي ، والأخباري يدّعي ورود النهي بعنوانه الثانوي وحصول المعلّق عليه.
__________________
(١). الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٠.