صحيح ، فانّ الورود فرع التعارض ولا معارضة بينهما بل كلّ يطلب لنفسه مورداً خاصاً غير ما يطلبه الآخر لنفسه ، فمورد قاعدة القبح هو ما إذا لم يكن من المولى أيّ بيان ، كما أنّ مورد القاعدة الثانية ما إذا تم البيان وإن جهل المتعلّق.
هذا كلّه حول العقاب الأُخروي وأمّا الضرر الدنيوي الشخصي فالإجابة عنه واضحة ، لأنّ الأحكام الشرعية لا تدور مدار الضرر أو النفع الشخصيين حتى يكون احتمال الحرمة ملازماً لاحتمال الضرر الشخصي على الجسم والروح بل الأحكام تابعة لمصالح ومفاسد نوعية ، وربما تكمن المصلحة النوعية في الضرر الشخصي كما في ترك الربا وترك الظلم على الناس.
نعم ربما يجتمع الضرر الشخصي مع المفسدة النوعية كشرب المسكر لكنّه ليس ضابطة كلية.
سلّمنا انّ في ارتكاب المشتبه احتمالَ ضرر دنيوي لكن إنّما يجب دفعه إذا لم يكن في تجويز الارتكاب مصلحة كما هو المقام ، لأنّ في الترخيص دفعَ عسر الاحتياط.
وأمّا الثالث : أي المصالح والمفاسد النوعية فحكم الشارع بالبراءة يكشف عن أحد الأمرين : إمّا عدم الأهمية ، وإمّا لوجود المصلحة الغالبة على المفسدة الحاصلة.
أدلة الأخباري على وجوب الاحتياط
استدلّ الأخباري على وجوب الاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية بالأدلة الثلاثة : الكتاب والسنة والعقل ، وبما انّا استقصينا ذكر أدلّتهم وأجوبتها في الموجز فلا حاجة إلى التكرار. (١)
__________________
(١). الموجز : ١٨٦ ١٩٣.