التنبيه الثالث : قاعدة التسامح في أدلّة السنن
اشتهر بين الأصحاب قاعدة «التسامح في أدلّة السنن» ويراد منها انّه لا يعتبر في ثبوتها والعمل بها ما يشترط في ثبوت غيرها كالواجبات والمحرمات من كون الراوي ثقة ، ضابطاً ، بل يكفي وروده ولو عن طريق ضعيف ، والمسألة معنونة في كلمات الفريقين ، غير انّ أهل السنة يعبِّرون عن المسألة بقولهم : العمل بالخبر الضعيف في فضائل الأعمال. (١)
وقد ورد عن أئمّة أهل البيت (عليهمالسلام) روايات متعددة في ذلك المضمار وربما يناهز عددها إلى خمسة بعد توحيد بعضها مع بعض. (٢)
وقد اختلفت كلمة الأُصوليّين في تفسير هذه الروايات ، ونحن نذكر بعض الروايات ثمّ نبحث في مدلولها.
١. روى الكليني بسند صحيح عن ابن أبي عمير ، عن حسن بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : «من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه كان له ، وإن لم يكن على ما بلغه».
رواه البرقي عن هشام بن سالم بمتن آخر وهو :
«من بلغه عن النبي شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله (عليهالسلام) لم يقله».
__________________
(١). وقد ألمع إليها الشهيد الأوّل (٧٣٤ ٧٨٦ ه) في الذكرى ، وابن فهد الحلي (المتوفّى ٨٤١ ه) في عدة الداعي ، والشهيد الثاني (المتوفّى ٩٦٦ ه) في درايته ، وبهاء الدين العاملي (المتوفّى ١٠٣٠ ه) في أربعينه ، إلى ان وصلت النوبة للشيخ الأنصاري فألف رسالة مستقلة فيها طبعت في ذيل كتاب المتاجر له قدِّس سرّه وأدرجها تلميذه الشيخ موسى التبريزي في حاشيته على الفرائد ، باسم «أوثق الوسائل» فلاحظ.
(٢). الوسائل : ١ ، الباب ١٨ من أبواب مقدّمات العبادات ، بعد توحيد بعضها مع بعض.