وأُخرى بالوجوب لأنّ فيها التمكّن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب المقدرة.
لا شكّ انّ المخالفة والموافقة القطعيتين غير ممكنة والمكلّف مخيّر تكويناً بين الفعل والترك ، لكن يقع الكلام في الحكم الظاهري والأصل الجاري في المقام. والظاهر انّ المقام محكوم بالبراءة العقلية والنقلية.
أمّا الأوّل : فلأنّ كلًّا من الوجوب والحرمة مجهولان فيقبح المؤاخذة عليهما.
وأمّا الثاني : فلعموم قوله : رفع عن أُمّتي ما لا يعلمون.
نعم لا تجري أصالة الإباحة المستفادة من قولهم : كلّ شيء حلال حتّى تعلم أنّه حرام ، وذلك لأنّ أصالة الإباحة بمدلولها المطابقي تنافي المعلوم بالإجمال لأنّ مفاد أصالة الإباحة الرخصة في الفعل والترك وذلك يناقض العلم بالإلزام ، وهو لا يجتمع مع جعل الإباحة ولو ظاهراً.
هذا هو أحد الأقوال في الحكم الظاهري ، وهناك أقوال أُخرى تطلب من محالها.
المقام الثاني : دوران الأمر بين المحذورين مع الجهل بنوع التكليف التعبدي
إذا كان أحد الحكمين أو كلاهما تعبديّين كصلاة المرأة في أيام الاستظهار ، فلو كانت حائضاً حرمت العبادة حرمة توصلية ، وأمّا إذا كانت طاهراً وجبت الصلاة وجوباً تعبدياً ، فلا تجري هنا البراءتان العقلية والنقلية لاستلزام الجريان المخالفة القطعيّة ، للفرق بين المقام وما قبله ، ففي المقام السابق كانت الموافقة القطعيةَ كالمخالفة القطعية ممتنعة ، وأمّا في المقام فالموافقة القطعية وإن كانت ممتنعة لكن المخالفة القطعية ممكنة ، فلو صلت بلا نيّة القربة معتمدة على جريان البراءة من الوجوب والحرمة فقد أتت بالمبغوض إذ لو كانت طاهرة فصلاتها