اجتنب عن النجس ، وكان مقتضى إطلاقه شموله للنجس المعلوم إجمالاً أيضاً ، وعندئذ فمقتضى القاعدة الأوّلية هو تحصيل البراءة القطعيّة بالاجتناب عن كلا الطرفين لأن المفروض شمول اطلاق الدليل ، المعلوم اجمالاً كشموله للمعلوم تفصيلاً.
انّما الكلام في مقتضيا لقاعدة الثانويّة أعني إمكان الترخيص اوّلاً ، ووقوعه ثانياً وإليك الكلام فيهما.
الأوّل : إمكان الترخيص
فالحقّ إمكانه لأنّك عرفت أنّ ما لا يقبل الترخيص هو العلم الوجداني بالتكليف وهو الذي لا يجتمع مع الترخيص لاستلزامه اجتماع الإرادتين المتناقضتين.
وأمّا لو كان سبب العلم بالتكليف هو إطلاق الدليل أعني :(إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١)
الشامل للصور الثلاث.
أ. المعلوم تفصيلاً.
ب. المعلوم إجمالاً.
ج. المشكوك وجوداً مع وجوده واقعاً.
فكما يصحّ تقييد إطلاقه بإخراج المشكوك وجعل الترخيص فيه ، فهكذا يجوز تقييد إطلاقه بإخراج صورة المعلوم بالإجمال ، فتكون النتيجة اختصاص حرمة الخمر بصورة العلم به تفصيلاً ، فالشكّ في إمكان التقييد كأنّه شكّ في أمر بديهي ، إنّما الكلام في الأمر الثاني.
__________________
(١). المائدة : ٩٠.