التنبيه الرابع : حكم خروج أحد الطرفين عن محلّ الابتلاء قبل العلم
إذا تعلّق العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين اللّذين يتمكّن المكلّف عرفاً من ارتكاب أحدهما دون الإناء الآخر لأنّه في بيت شخص لا يتفق للمكلّف عادة دخوله واستعماله فلا يكون منجِّزاً ، لأنّه لا يحدث التكليف على كلّ تقدير ، إذ لو وقعت النجاسة في الإناء الذي ابتلى به يُحدث التكليف ويحسن الخطاب بالاجتناب دون ما إذا وقعت فيما لا يبتلى به لأنّه يقبح الخطاب ، فلا يصحّ خطابه ب «اجتنب إمّا عن هذا الإناء ، أو ذلك الإناء» ، فإذا كان الخطاب بالنسبة إلى الإناء الخارج عن ابتلائه قبيحاً لا ينعقد العلم الإجمالي منجّزاً ومؤثراً ، فيكون الشكّ في الإناء الأوّل أشبه بالشبهة البدوية.
ولأجل ذلك يشترط في تنجيز العلم الإجمالي أن يكون كلا الطرفين مورداً للابتلاء قبل حدوث العلم الإجمالي حتى يصحّ خطابه بالنسبة إلى كلا الطرفين ، وأمّا لو كان أحدهما خارجاً عن محلّ الابتلاء قبل حدوث العلم الإجمالي ، ثمّ حدث فلا يكون منجزاً ، لأنّه ليس محدثاً للتكليف على كلّ تقدير.
نعم لو حدث العلم الإجمالي والطرفان في محل الابتلاء ، ثمّ خرج أحدهما عن محلّ الابتلاء ، فالاجتناب عن الإناء الآخر لازم ، وذلك لأنّ الخطاب بالاجتناب على وجه الترديد وإن كان قبيحاً بعد خروج أحد أطرافه عن محلّ الابتلاء ، ولكنّ العلم الإجمالي لما انعقد مؤثراً فالاجتناب عن الإناء الباقي ، من آثار العلم الإجمالي السابق ، فوجوده آناً ما ، يوجب الاجتناب عن الثاني ما دام موجوداً.
ويدلّ على ذلك أنّه لو كان الخروج عن محل الابتلاء بعد طروء العلم موجباً لجواز ارتكاب الإناء الآخر ، لما أمر الإمام بإهراقهما (١) ، بل أمر بإهراق
__________________
(١). الوسائل : الجزء ٢ ، الباب ٦٤ من أبواب النجاسات ، الحديث ٢.