الظاهر هو الثاني ، لأنّ التكليف المتيقّن إنّما كان بمجموع الأجزاء والشرائط ، فإذا لم يتمكّن من بعضها فكأنّه لم يتمكّن من الكل بما هو كل ، فالتكليف الجديد بالنسبة إلى الباقي يحتاج إلى الدليل والأصل البراءة منه.
قاعدة الميسور
وربما يقال بوجوب الإتيان بالباقي تمسّكاً بقاعدة الميسور التي دلّ عليها الحديث النبويّ والولويّ.
١. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أنّه قال : خطبنا رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فقال : «أيّها الناس قد فرض عليكم الحجّ فحجّوا» فقال رجل : أكلّ عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً ، فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «لو قلت نعم لوجب ولما استطعتم» ثمّ قال : «ذروني ما تركتكم ، فإنّما هلك من قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه». (١)
والرواية غير صالحة سنداً ومتناً.
أمّا الأوّل : فيكفي في ضعفه كون الناقل ممّن لا يصحّ الاحتجاج برواياته.
وأمّا الثاني : فإنّ الرواية ناظرة إلى واجب ذي افراد لا ذي أجزاء بقرينة موردها ، وهو الحج ، وبقرينة قول الرجل : أكلّ عام يا رسول الله؟ ولكنّ الكلام في المقام انّما هو في واجب ذي أَجزاء لا في واجب ذي افراد.
٢. ما رواه صاحب «غوالي اللآلي» قال الإمام عليّ (عليهالسلام) : «لا يُترك الميسور بالمعسور». (٢) وقال (عليهالسلام) : «ما لا يُدْرَك كُلُّه لا يُترَكُ كُلّه». (٣)
__________________
(١). التاج الجامع للأُصول : ١٠٠ / ٢ ، كتاب الحج.
(٢ و ٣). غوالي اللآلي : ٥٨ / ٤ برقم ٢٠٥ و ٢٠٧.