ومن جانب آخر ليس المراد من الواصل هو إيصاله إلى كلّ واحد بدقّ باب بيته وإعطائه البيان ، بل المراد وجود البيان في مظانّه على وجه لو أراد لوقف عليه ، وعلى هذا فوجود البيان عند الرواة أو حملة العلم أو في الجوامع الحديثية كاف في رفع القبح ومع احتماله فيها لا يستقل العقل بالقبح ما لم يتفحّص.
وأمّا الشبهات الموضوعية ، فالظاهر تسالم الأُصوليين على عدم وجوب الفحص ، ولكنّه على إطلاقه غير صحيح ، وإنّما لا يحتاج إلى الفحص إذا كان تحصيل العلم منوطاً بمقدّمات بعيدة.
وأمّا إذا كان العلم بالواقع ممكناً بأدنى نظر ، كالنظر إلى الأُفق فيمن شكّ في دخول الفجر فيجب عليه الفحص ، ومثله إذا شكّ في بلوغ الأموال الزكوية حدّ النصاب ، أو الشكّ في زيادة الربح على المئونة ، أو الشكّ في حصول الاستطاعة المالية للحج ، أو الشكّ في مقدار الدين مع العلم بضبطه في السجلّات ، إلى غير ذلك من الشبهات الموضوعية التي يحصل العلم بها بأدنى تأمل.
وأمّا شرائط العمل بالبراءة فيمكن أن يعدّ منها ، عدم معارضته مع أصل آخر ، كما في موارد العلم الإجمالي ، أو أن لا يكون على خلاف المنّة. ولا يختص هذا الشرط بالبراءة ، بل يعم الاضطرار الوارد في حديث الرفع أيضاً ، كعدم الضمان في عام المجاعة إذا توقفت حياة المضطر على أكل طعام الغير ، فالمرفوع هو حرمة التصرف لأجل الاضطرار لا الضمان ، فالتصرف جائز لكن مع ضمان قيمته ، لأنّ عدمه على خلاف المنَّة.
صحّة عمل تارك الفحص وعدمها
إذا ترك المجتهد الفحص عن الدليل الاجتهادي ، أو ترك العامي طريقي