تنبيهات (١)
التنبيه الأوّل : كفاية إحراز المتيقّن بالأمارة
قد عرفت أنّ اليقين بالحدوث من أركان الاستصحاب فلا كلام فيما إذا كان حدوث المتيقّن محرزاً باليقين ، إنّما الكلام فيما إذا كان محرزاً بالأمارة وشكّ في بقائه ، كما إذا دلّ قول الثقة على وجود الخيار للمغبون في الآن الأوّل وشُكَّ في بقائه في الآن الثاني ، أو دلّت البيّنة على حياة زيد أو كونه مالكاً فشُك في بقاء حياته أو مالكيته فهل يحكم بالبقاء أو لا؟ وجه الإشكال أنّه لا يقين بالحدوث لعدم إفادة قول الثقة أو البيّنة ، اليقينَ فكيف يحكم بالبقاء؟
والجواب أنّ المراد من اليقين في أحاديث الاستصحاب هو الحجّة على وجه الإطلاق ، لا خصوص اليقين بمعنى الاعتقاد الجازم ، كما هو المصطلح في علم المنطق ، والشاهد على ذلك أمران :
١. انّ العلم واليقين يستعملان في الحجّة الشرعية ، كما في قولهم : يحرم الإفتاء بغير علم ، فيُراد به الحجّة الشرعية لا العلم الجازم القاطع. لكفاية الحجّة غير القطعية في جواز الافتاء.
٢. ملاحظة روايات الباب مثلاً ففي الصحيحة الأُولى (٢) لزرارة لم يكن له علم وجداني بالطهارة النفسانية ، بل كان علمه مبنياً على طهارة مائه وبدنه ولباسه ، بالأُصول والأمارات ، وهكذا سائر الروايات ، فإنّ حصول اليقين فيها هناك كان رهنَ قواعد فقهية وأُصولية ، وفي الصحيحة الثانية كان اليقين بطهارة ثوبه
__________________
(١). قد تركنا بعض التنبيهات اقتناعاً بما حرّرناه في الموجز.
(٢). لاحظ صحيحة زرارة الأُولى والثانية في الموجز ٢٢٠.