والشكّ في طروء النجاسة مستنداً إلى جريان أصالة الطهارة في الإناء والماء الذي غسل به ثوبه إلى غير ذلك.
كلّ ذلك دليل على أنّ المراد من اليقين في الروايات هو الحجّة ، عقلية كانت كالقطع ، أو شرعية كالبيّنة والأمارة ، ويكون المراد من «الشك» بقرينة المقابلة هو اللاحجّة من غير فرق بين الظن والشكّ والوهم. فكأنّ الشارع يقول : «لا تنقض الحجّة باللاحجّة» لأنّ اليقين فيه صلابة ، والشكّ فيه رخاوة فلا يُنقض الأوّل بالثاني كما لا يُنقض الحجر بالقطن.
التنبيه الثاني : في استصحاب الزمان والزمانيات
المستصحب تارة يكون نفس الزمان ، وأُخرى الشيء الواقع فيه.
أمّا الأوّل : فكما إذا كان الزمان موصوفاً بوصف ككونه ليلاً أو نهاراً ، فشككنا في بقاء ذلك الوصف ، فيستصحب بقاء الليل أو النهار.
وربّما يقال : إنّ الزمان غير قارّ الذات ولا يتصوّر فيه البقاء بل سنخ تحقّقه هو الوجود شيئاً فشيئاً ، وما هذا حاله ، لا يتصور فيه الحدوث والبقاء ، حتى يتحقّق فيه أركان الاستصحاب.
والجواب : إنّ بقاء كلّ شيء بحسبه ، فللأُمور القارّة بقاء وانقضاء ، وللأُمور المتصرّمة كالليل والنهار أيضاً بقاء وزوال مثلاً ، يطلق على الطليعة ، أوّل النهار ، وعلى الظهيرة ، وسط النهار ، وعلى الغروب ، آخره ، وهذا يعرب عن أنّ للنهار بقاءً حسب العرف ، وإن لم يكن كذلك بالدقة العقلية.
وأمّا الثاني : أعني الشيء الواقع في الزمان وهو المسمّى بالزماني كالتكلم والكتابة والمشي وجريان الماء ، فلكل منها حدوث وبقاء في نظر العرف ، فلو شرع الإنسان بالتكلّم أو أخذ بالمشي ، فشككنا في بقائهما أو انقطاعهما ، يصح استصحابهما كاستصحاب الزمان ، والإشكال فيه كالإشكال في الزمان ، والجواب