اليقين ، سواء كان البقاء مظنوناً أو موهوماً أو مشكوكاً متساوي الطرفين ، وهذا هو المراد من الشكّ في لسان الروايات ، وقد ورد الشك بالمعنى الأُصولي في الذكر الحكيم ، قال سبحانه :(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) (١) ، وقال سبحانه : (قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٢) ، والشكّ في الآيتين يعمّ الحالات الثلاث.
ونظير الآيتين : الشكّ في صحيحة زرارة قال : فإنْ حُرّك على جنبه شيء ولم يعلم به؟ قال (عليهالسلام) : «لا ، حتى يستيقن أنّه قد نام حتى يجيء من ذلك أمر بيّن ، وإلّا فانّه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبداً بالشكّ» وذلك لأنّ التحريك على جنب الإنسان يفيد الظن بأنّه قد نام ، ومع ذلك أطلق عليه الإمام الشك ولم يستفصل بين إفادته الظن بالنوم وعدمه ، وهذا يدل على أنّ المراد من الشكّ هو مطلق الاحتمال المخالف لليقين ، من غير فرق بين كون البقاء مظنوناً أو مرجوحاً أو مساوياً.
أضف إلى ذلك ما مرّ من أنّ المراد من اليقين هو الحجّة الشرعية ، ويكون ذلك قرينة على أنّ المراد من الشكّ هو اللّاحجة ، ويكون معنى الحديث لا تنقض الحجّة باللّاحجّة ، فالملاك في الجميع عدم وجود الحجّة ، من دون نظر إلى كون البقاء راجحاً أو مرجوحاً أو متساوياً.
التنبيه الخامس : التمسّك بعموم العام أو استصحاب حكم المخصص
إذا كان هناك عموم يدل على استمرار الحكم في جميع الأزمنة ، كقوله سبحانه : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) حيث يدلّ على وجوب الوفاء على وجه الإطلاق من غير فرق بين زمان دون زمان.
__________________
(١). يونس : ٩٤.
(٢). إبراهيم : ١٠.