٤. قاعدة القرعة
القرعة في اللغة : بمعنى الدّق والضرب ، يقال قرع الباب : دقّه ، وقال ابن فارس : والإقراع والمقارعة بمعنى المساهمة ، وسمّيت بذلك لأنّها شيء كأنّه يضرب. (١)
ويظهر من الآيات والروايات أنّ القرعة كانت رائجة في الأعصار السابقة عند تزاحم الحقوق والمصالح دفعاً للترجيح بلا ملاك والتفريق بلا وجه ، ولا يتمسك بها إلّا إذا انغلقت أبواب الحلول كلّها وانحصر وجه الحل بها.
أ. قال سبحانه : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (٢) لمّا حملت امرأة عمران أُمّ مريم العذراء بنتها إلى الكنيسة حتى يكفل حضانتها العُبّاد بعد وفاة والدها ، وهي في بطن أُمّها ، فعند ما رأوها تشاحّوا وطلب كلٌّ أن يتكفّل حضانتها ، لأنّها بنت عمران ، ومن البيوت الرفيعة في بني إسرائيل ، فاتّفقوا على المساهمة فخرج السهم باسم خير الكفلاء لها أعني : زكريا والمقام من قبيل تزاحم الحقوق ، لأنّ الحضانة كانت حقّاً لها ابتداءً وبالذات ولما دفعتها إلى العبّاد والزهاد ، دون أن تعيّن واحداً منهم ، صار الجميع بالنسبة إلى هذه المفخرة على حد سواء ، فاتّفقوا على المقارعة لأجل حسم النزاع.
ب. وقال سبحانه : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ
__________________
(١). مقاييس اللغة ، مادة قرع.
(٢). آل عمران : ٤٤.