في تعارض الأدلّة الشرعية
قبل الخوض في الموضوع نقدّم أُموراً :
الأوّل : البحث عن تعارض الأدلّة الشرعيّة وكيفية علاجها من أهمّ المسائل الأُصولية. إذ قلّ باب في الفقه لا توجد فيه حجّتان متعارضتان ومختلفتان ، فلا مناص للمستنبط من علاجهما. ولأجل تلك الأهميّة الملموسة جعله المحقق الخراساني أحد المقاصد الثمانية في مقابل عمل الشيخ حيث جعله خاتمة لكتابه. والخاتمة والمقدّمة خارجتان عن مقاصد الكتاب مع أنّه من صميم مقاصد العلم ومسائله. وقد عرفت في صدر الكتاب أنّ روح المسائل الأُصولية هو البحث عن تعيين ما هو الحجّة في الفقه ، والهدف في هذا المقصد هو تعيين ما هو الحجّة من المتعارضين من الترجيح والتخيير عند عدم المرجّح أو سقوطهما والرجوع إلى دليل آخر ، فإذا كان هذا مكانة هذا المقصد ، فلا وجه لجعله خاتمة للكتاب.
الثاني : إنّ قولنا : «في تعارض الأدلّة الشرعيّة» وإن كان يعمّ تعارض الخبرين أو الأخبار وتعارض سائر الأدلّة الشرعيّة كتعارض قول اللغويين ، أو المدّعيين للإجماع وغيرهما ، لكن القوم لم يطرحوا في المقام إلّا تعارض الأخبار دون سائر الأدلّة ، واقتصروا فيما يرجع إلى تعارض قول اللغويين أو المدّعيين للإجماع ، بما ذكروه في بابيهما.