في التعارض المستقر
قد عرفت أنّ التعارض على قسمين : بدويّ غير مستقر ، وتعارض مستقر ، ويقع الكلام في القسم الثاني ، في ضمن مباحث :
المبحث الأوّل : ما هو مقتضى القاعدة الأوّلية؟
إذا قلنا بأنّ الخبر حجّة لكونه طريقاً إلى كشف الواقع من دون أن يكون في العمل بالخبر هناك أيُّ مصلحة سوى مصلحة درك الواقع (١) ، فما هو مقتضى حكم العقل؟
أقول : إنّ هنا صورتين :
الأُولى : فيما إذا لم يكن لدليل حجّية خبر الواحد إطلاق شامل لصورة التعارض ، كما إذا كان دليل الحجّية أمراً لبيّاً كالسيرة العقلائية أو الإجماع ، فعندئذ يكون دليل الحجية قاصراً عن الشمول للمتعارضين ، لأنّ الدليل اللبيّ لا يتصوّر فيه الإطلاق ، فيؤخذ بالقدر المتيقن وهو اختصاص الحجّية بما إذا كان الخبر غير معارض ، فتكون النتيجة عدم الدليل على حجّية الخبرين المتعارضين وهو مساو لسقوطهما.
الثانية : إذا كان هناك إطلاق شامل لصورة التعارض ، كما إذا كان دليل الحجّية أمراً لفظياً كآية النبأ والنفر ، وقلنا بوجود الإطلاق فيهما الشامل لصورة
__________________
(١). في مقابل احتمال حجّية الخبر الواحد من باب السببية ، وبما انّ الاحتمال باطل عند أصحابنا تركنا البحث فيها وبيان أحكامها. ومن أراد التفصيل فلنرجع إلى المحصول : ج ١١٠ / ٣ ١٢٦.