لكنّ المشكلة تكمن في إعراض الأصحاب عن روايات التخيير ، فانّه لا يوجد مورد أفتى المشهور في الكتب الفقهية بالتخيير بين الخبرين.
وأمّا الطائفة الثانية ، أعني : ما يدلّ على التوقف ، فيناهز عدد رواياتها ما يناهز الخمس ، نذكر منها ما يلي :
١. روى سماعة عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر بأخذه ، والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟
قال : «يرجئه حتى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه». (١)
٢. روى سماعة عن أبي عبد الله (عليهالسلام) ، قلت : يرد علينا حديثان ، واحد يأمرنا بالأخذ به ، والآخر ينهانا عنه؟ قال : «لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله» ، قلت : لا بدّ أن نعمل بواحد منهما.
قال : «خذ بما فيه خلاف العامة». (٢)
ويحتمل وحدة الحديثين لوحدة الراوي عن الإمام وإن اشتمل الحديث الثاني على زيادة ، ولاحظ ما يدل على التوقف أيضاً. (٣)
وعلى فرض حجّية أخبار التخيير فقد قام غير واحد من المحقّقين بالجمع بين الطائفتين (التخيير والتوقف) بوجوه ، أوضحها ما أفاده الشيخ الأعظم من حمل روايات التوقف على صورة التمكّن من لقاء الإمام ، ويشهد على ذلك ما في حديث سماعة : «يرجئه حتى يلقى من يخبره».
وفي حديث آخر عنه : «لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله».
__________________
(١ و ٢). الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥ و ٤٢.
(٣). الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١ ، ٣٦ ؛ المستدرك : ١٧ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٠ ، ٢.