٤. انّ هذا البيان يثبت انّ الخبر المشهور المفتى به داخل في «بيّن الرشد» في تثليث الإمام (عليهالسلام) والخبر الشاذ داخل في «البيّن الغي» من تثليثه ، وذلك لما تبيّن انّ المشهور لا ريب في صحته والمخالف لا ريب في بطلانه.
ويظهر من ذلك ما ذكرنا من الإشكال ، وهو انّ الشهرة العملية إذا كانت سبباً لطرد الريب عن نفسها وإلصاقه بمخالفها تكون أمارة على تمييز الحجّة عن اللاحجة ، وبيّن الرشد عن بيّن الغي ، ومثل ذلك لا يعدّ مرجحاً أصلاً.
إلى هنا تبيّن انّ ذينك الأمرين ، الترجيح بصفات الراوي ، والترجيح بالشهرة العملية لا يمتّ إلى ترجيح أحد الخبرين على الآخر بصلة ، امّا لكونه راجعاً إلى ترجيح أحد الحكمين ، أو إلى تمييز الحجّة عن غيرها ، لا تقديم إحداهما على الأُخرى كما هو المقصود ، وإليك دراسة الباقي :
٣. الترجيح بالكتاب والسنّة
قد ورد الترجيح بالكتاب والسنّة في غير واحد من الروايات ، ونحن نذكر في هذا المقام بعضاً منها :
١. مقبولة عمر بن حنظلة
فقد جاء في المقطع الثالث منها :
قلت : فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم.
قال : «ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة (وخالف العامة) فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامة». (١)
٢. ما رواه الميثمي عن الرضا (عليهالسلام) أنّه قال : «فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فأعرضوهما على كتاب الله ، فما كان في كتاب الله موجوداً حلالاً أو حراماً ،
__________________
(١). الكافي : ٦٨ / ١ ، باب اختلاف الحديث من كتاب فضل العلم ، الحديث ١٠.