الجهة الثالثة
التعدّي من المنصوص إلى غيره
لو افترضنا انّ ما ذكر من المزايا مرجّحات للرواية ، فهل يقتصر عليها في مقام الترجيح أو يتعدّى عنه إلى غيره كموافقة الإجماع المنقول أو موافقة الأصل وغيرهما؟
إنّ التعدّي يحتاج إلى حجة قطعية يقيد بها إطلاقات التخيير ، وقد عرفت تضافر الروايات على التخيير. (١) فالترجيح بغير المنصوص نوع تقييد لها ولم يدلّ دليل على لزوم التعدي ، ويؤيد المختار أمران :
الأوّل : لو كان الملاك هو العمل بكلّ مزية في أحد الطرفين ، لكان الأنسب في الروايات الإشارة إلى الضابطة الكلية من دون حاجة إلى تفصيل المرجحات.
ولو قيل : إنّ الغاية من التفصيل هو إرشاد المخاطب إلى تلك المرجّحات ، ولو لا بيان الإمام لما كان المخاطب على علم بها.
قلت : نعم ولكن لا منافاة بين تفصيل المرجّحات وإعطاء الضابطة ليقف المخاطب على وظيفته العملية في باب التعارض.
الثاني : انّ الإمام في مقبولة عمر بن حنظلة بعد فرض تساوي الخبرين أمر بالتوقف وإرجاء حكم الواقعة حتى يلقى الإمام ، ولو كان العمل بكلّ ذي مزية واجباً لما وصلت النوبة إلى التوقّف إلّا نادراً.
__________________
(١). على القول بعدم اعراض الأصحاب عن روايات التخيير كما عليه الشيخ الأعظم قدَّس سرّه.