الجهة الرابعة
في التعارض على نحو العموم والخصوص من وجه
قد عرفت أنّ الجمع المقبول بين الروايتين مقدّم على الأخبار العلاجية من التخيير والترجيح.
كما عرفت أنّه إذا كانت النسبة بين الخبرين هو التباين ، يجب العمل بالرواية ذات المزية وإلّا فالتخيير.
بقي الكلام فيما إذا كان التعارض بين الخبرين على نحو العموم من وجه ، كما إذا دلّ الدليل على نجاسة عذرة ما لا يؤكل لحمه ، ودلّ دليل آخر على طهارة عذرة كلّ طائر ، فيفترق الدليلان في موردين : أحدهما : عذرة الوحوش ، فانّها داخلة تحت إطلاق الدليل الأوّل ؛ وثانيهما : عذرة الطائر الذي يؤكل لحمه ، فانّها داخلة تحت إطلاق الدليل الثاني ؛ وإنّما يتعارضان في الطائر غير المأكول لحمه كما فيما إذا كانت له مخالب ، فهل المرجع هو التساقط والرجوع إلى دليل آخر من اجتهادي كالعموم والإطلاق ، وأصل عملي إذا لم يكن دليل اجتهادي ، أو المرجع هو الأخبار العلاجية من الترجيح أوّلاً والتخيير ثانياً؟
والظاهر هو القول الأوّل ، لأنّ المتبادر من الأخبار العلاجية هو دوران الأمر بين الأخذ بالشيء بتمامه وترك الآخر كذلك ، أو بالعكس كما هو الظاهر من قوله :
«أحدهما يأمر والآخر ينهى» والأمر في العامين من وجه ليس كذلك ، إذ لا يدور الأمر بين الأخذ بواحد منهما وترك الآخر أو بالعكس ، بل يؤخذ بكلّ في