الفصل الأوّل
في الاجتهاد وأحكامه
ويقع الكلام في هذا الفصل في عدّة مسائل :
المسألة الأُولى : الاجتهاد لغة واصطلاحاً
الاجتهاد لغة مأخوذ من الجهد بضم الجيم بمعنى الطاقة والوسع ، وبفتحها بمعنى المشقة ؛ فهو إمّا بمعنى بذل الطاقة والوسع ، أو تحمّل الجهد والمشقّة. يقال : اجتهد في حمل الرحى ولا يقال : اجتهد في حمل الخردلة ، لوجود الملاك في الأوّل دون الثاني.
وأمّا اصطلاحاً ، فقد عرّفه بهاء الدين العاملي بأنّه عبارة عن ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي من أدلّته فعلاً أو قوّة قريبة منه. (١)
قوله : «فعلاً أو قوة» قيدان للاستنباط لا للملكة للزوم فعليّتها ، وأمّا الاستنباط فينقسم إلى ما «بالفعل» كمن تهيّأت له أسبابه ولم يبق إلّا المراجعة ؛ وإلى ما «بالقوة» كمن لم تتهيّأ له أسبابه كفقد الكتب.
وكان عليه إضافة قيد آخر وهو استنباط الوظيفة الفعلية ، كأن يقول : ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي أو الوظيفة الفعلية ، وذلك كما في مجاري الأُصول ، فإنّ المستنبَط فيها هو الوظيفة في حال الشكّ لا الحكم الواقعي.
ثمّ إنّ الاجتهاد وقع موضوعاً لأحكام عديدة سنشير إلى بعضها :
__________________
(١). زبدة الأُصول : ١٤١.