بل يتوقف على التدرّج شيئاً فشيئاً ، فالمجتهد في بادئ ذي بدء لم يكن مجتهداً مطلقاً بل كان متجزئاً ثمّ صار مجتهداً مطلقاً ، وأمّا أحكامه فنقول :
يجوز له العمل بما استنبط ، وإلّا فأمامه طريقان :
أ. العمل بالاحتياط.
ب. الرجوع إلى الغير.
والأوّل غير واجب باتّفاق الكلّ ، وجواز الثاني موقوف على تحقّق موضوعه ، وهو كونه غير عالم أو جاهل ، فلا يعم العالم ، والمفروض أنّه عالم بالحكم ولو في موارد خاصّة.
وأمّا رجوع الغير إليه وتقليده له ، فإن كان هناك من هو أفقه منه وقلنا بوجوب الرجوع إلى الأفقه فلا يجوز الرجوع إلى المتجزّئ في المقام ، وإلّا فلا مانع من الرجوع إليه ويكون المتجزّئ والمطلق في جواز الرجوع سيّان ، غير أنّ الكلام في جواز الرجوع إلى غير الأفقه كما سيوافيك.
المسألة السابعة : مقدّمات الاجتهاد
الاجتهاد يتوقّف على مقدّمات نشير إليها بوجه موجز ، فنقول :
الأوّل : الوقوف على القواعد العربية على وجه يقف على ضوئها على مراد المتكلّم ، ولا يشترط أن يكون مجتهداً في العلوم العربية ، بل يكفيه الرجوع إلى أهل الخبرة.
الثاني : الوقوف على معاني المفردات حتى يُميّز المعنى الحقيقي عن المجازي ، ويعرف الكنايات والاستعارات الواردة في الكتاب والسنّة ، ولا يشترط أن يكون لغويّاً محقّقاً في اللغة ، ويكفيه في تفسير المفردات الرجوعُ إلى أُمّهات الكتب اللغويّة ومعاجم اللغة ، ك «العين» للخليل بن أحمد الفراهيدي ، و «لسان العرب»