الشارع ، فيكون كلّ رأي صواباً لعدم وجود واقع محدَّد حتى يوصف المطابق بالصواب ، وغيره بالخطإ ، وبذلك وُصِفُوا بالمصوّبة ، لأنّهم يصفون كلّ اجتهاد بالصواب. وعلى هذا القول يكون الاجتهاد من منابع التشريع ومصادره ، بخلافه على القول الآخر فإنّ الاجتهاد عليه لا يعدو عن بذل جهد لإصابة الواقع المحدَّد ، فما ربما يُرى في بعض كلمات أهل السنّة من عدِّ الاجتهاد من منابع التشريع مبني على ذاك القول.
غير أنّ اللازم معرفة المواضع التي تضاربت فيها الآراء فصارت طائفة إلى التخطئة وأُخرى إلى التصويب (١) ، ويظهر ذلك بمعرفة المواضع التي اتّفقوا فيها على التخطئة ، ونذكر منها ما يلي :
١. لا تصويب في الأُصول والمعارف
اتّفق المسلمون على أنّ الحقّ في الأُصول والمعارف أمر واحد ، وما وافقه هو الحقّ والصواب ، وما خالفه هو الخطأ ، ولم يقل أحد من المسلمين إلّا من شذّ بتصويب جميع الآراء. (٢) قال المرتضى : إنّ الأُصول المبنيّة على العلم نحو التوحيد والعدل والنبوة لا يجوز أن يكون الحقّ فيها إلّا واحداً ، لأنّ الله تعالى لا يجوز أن يكون جسماً أو غير جسم ، يُرى ولا يُرى على وجهين مختلفين. (٣)
وقال الشيخ الطوسي : اعلم أنّ كلّ أمر لا يجوز تغييره عمّا هو عليه فلا
__________________
(١). أي التصويب والتخطئة بالمعنى الثاني فلا تغفل.
(٢). نقل الغزالي انّ عبد الله بن الحسن الغيري ذهب إلى أنّ كلّ مجتهد مصيب في العقليات كما في الفروع (لاحظ المستصفى : ٣٥٩ / ٢). ولعلّ مراده من التصويب في العقائد كونه مثاباً.
(٣). الذريعة : ٧٩٣ / ٢.