المسألة التاسعة : تأثير الزمان والمكان في الاجتهاد
قد يُطرح الزمان والمكان بما انّهما ظرفان للحوادث والطوارئ الحادثة فيهما ، وقد يطرحان ويراد منهما المظروف ، أساليب الحياة والظروف الاجتماعية حسب تقدّم الحضارة ، والثاني هو المراد من المقام.
ثمّ إنّه يجب أن يفسر تأثير الزمان والمكان بالمعنى المذكور في الاجتهاد ، على وجه لا يعارض الأُصول المسلّمة في التشريع الإسلامي ، ونشير إلى أصلين منها.
الأوّل : انّ من مراتب التوحيد هو التوحيد في التقنين والتشريع ، فلا مشرّع ولا مقنّن سواه ، قال تعالى : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١) والمراد من الحكم هو الحكم التشريعي بقرينة قوله :(أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ).
وقال سبحانه :(قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٢).
الثاني : انّ الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) خاتم الأنبياء ، وكتابه خاتم الكتب ، وشريعته خاتمة الشرائع ، فحلاله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة.
روى زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الحلال والحرام ، قال : «حلال محمد حلال أبداً إلى يوم القيامة لا يكون غيرُه ولا يجيء غيرُه ، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة لا يكون غيره ولا يجيء غيره» وقال : قال علي (عليهالسلام) : «ما أحد ابتدع بدعة إلّا ترك بها سنّة». (٣)
__________________
(١). يوسف : ٤٠.
(٢). يونس : ١٥.
(٣). الكافي : ٥٨ / ١ ، الحديث ١٩ ؛ وبهذا المضمون أحاديث كثيرة.