الاجتهاد بناء على القياس أو على دواعي المصلحة وهي المقصودة من القاعدة المقررة «تغيير الأحكام بتغيّر الزمان».
أمّا الأحكام الأساسية التي جاءت الشريعة لتأسيسها وتوطيدها بنصوصها الأصلية الآمرة ، الناهية كحرمة المحرّمات المطلقة ، وكوجوب التراضي في العقود ، والتزام الإنسان بعقده ، وضمان الضرر الذي يُلحقه بغيره ، وسريان إقراره على نفسه دون غيره ، ووجوب منع الأذى وقمع الإجرام ، وسد الذرائع إلى الفساد وحماية الحقوق المكتسبة ، ومسئولية كل مكلف عن عمله وتقصيره ، وعدم مؤاخذة بريء بذنب غيره ، إلى غير ذلك من الأحكام والمبادئ الشرعية الثابتة التي جاءت الشريعة لتأسيسها ومقاومة خلافها ، فهذه لا تتبدّل بتبدل الأزمان ، بل هي الأُصول التي جاءت بها الشريعة لإصلاح الأزمان والأجيال ، ولكن وسائل تحقيقها وأساليب تطبيقها قد تتبدّل باختلاف الأزمنة المحدثة. (١)
وعلى هذا فيجب أن يفسر تأثير العاملين بشكل لا يمسُّ الأصلين المتقدمين.
واعلم أنّ تأثير العنصرين على أقسام ، وإليك البيان :
الأوّل : تأثير الزمان والمكان في صدق الموضوعات
إنّ تبدّل الموضوع يراد منه تارة انقلابه إلى موضوع آخر كصيرورة الخمر خلاً والنجس تراباً ، وهذا غير مراد في المقام قطعاً.
وأُخرى صدق الموضوع على مورد في زمان ومكان وعدم صدقه على ذلك المورد في زمان ومكان آخر ، وما هذا إلّا لمدخلية الظروف والملابسات فيها.
__________________
(١). المدخل الفقهي العام : ٩٢٤ / ٩٢٥٢.