المفاسد أو لا ، وسواء أكان مؤمِّناً للأغراض العقلائية وعدمها ، فالموضوع للحكم بالحسن أو القبح أو الملازمة أو ما أشبه ذلك هو ذات الفعل دون سائر الأُمور الجانبية.
الثاني : إذا أدرك الفقيه مصالح ومفاسد في الفعل ، فهل يمكن أن يتخذ وقوفَه على أحدهما ذريعة إلى استكشاف الحكم الشرعي في الوجوب أو الحرمة بحيث يكون علم الفقيه بالمصالح والمفاسد من مصادر التشريع الإسلامي؟
وبعبارة أُخرى : إذا كان الموضوع ممّا لا نصّ فيه ولكن أدرك الفقيه بعقله ، وجودَ مصلحة فيه ولم يَرد من الشارع أمر بالأخذ ولا بالرفض ، فهل يصحّ تشريع الحكم على وفقها؟ وهذا هو الذي يسمّى بالمصالح المرسلة أو الاستصلاح في فقه أهل السنّة لا سيما المالكية ، فكلّ مصلحة لم يرد فيها نصّ يدعو إلى اعتبارها أو عدم اعتبارها ولكن في اعتبارها نفع أو دفع ضرر فهل يتخذ دليلاً على الحكم الشرعي أو لا؟
الثالث : تنقيح مناطات الأحكام وملاكاتها بالسبر والتقسيم بأن يُحصر الأوصاف التي توجد في واقعة الحكم وتصلح لأن تكون العلّة ، واحدة منها ويختبرها وصفاً وصفاً على ضوء الشروط الواجب توفّرها في العلة ، وبواسطة هذا الاختبار تُستبعد الأوصاف التي لا يصحّ أن تكون علة ، ويستبقى ما يصحّ أن يكون علّة ، وبهذا الاستبعاد وهذا الاستبقاء يتوصل إلى الحكم بأنّ هذا الوصف هو العلّة ثمّ يتبعه التشريع ، وهذا ما يسمّى في الفقه الشيعي الإمامي بتنقيح المناط واستنباط العلّة.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ محطّ النزاع بين الأُصوليّين والأخباريّين من أصحابنا هو المعنى الأوّل.
وسنرجع إليه بعد استيفاء البحث في الأخيرين فنقول :